نشر بتاريخ: 2021/10/23 ( آخر تحديث: 2021/10/23 الساعة: 12:59 )
حمدي فراج

راديو الشباب
 

تعود قضية وقف مخصصات عدد من الفصائل الفلسطينية الى الظهور من جديد ، وكما قالت في بيان مشترك ان الاجراء مستمر للشهر الرابع على التوالي ، اي منذ أيار او حزيران الماضيين ، في الوقت الذي صعدت فيه القضية الفلسطينية صعودا وحدويا ملموسا ، عقب معركة “سيف القدس” ، صحيح انها سرعان ما انطفأت جراء قضية مقتل نزار بنات ، وما أعقب ذلك من اجراءات غريبة عن عرف الشعب الواحد الرازح تحت الاحتلال ويتصدى في كل يوم بطريقة او بأخرى لممارساته القمعية الممنهجة ، بما في ذلك اضراب الاسرى الاداريين عن الطعام لمدد قياسية ، ثم نفق الحرية الذي حفره الابطال الستة بسواعدهم وملاعقهم وارادتهم.
 

من الصعب بمكان فهم مثل هذا الاجراء، الذي يفيد انني اقطع عنك مخصصات فصيلك ريثما تغير من موقفك المتضارب مع موقفي، وهذا يجافي الصواب، خاصة عند فصائل مبدئية وعقائدية ، لا ترهن مواقفها بالمخصصات.
 

فماذا يمكن ان تقول لوالدة شهيد فقدته في خضم عملية انتمائه لفصيلك ، او لأسير افنى زهرة عمره وراء القضبان لأنه نفذ ما أمره به قائده؟ ، ماذا تقول لزوجته او لطفلته ؟. و قيل ان أحد الفصائل اضطر للحصول على مستحقاته المالية المتأخرة مقابل موافقته على الانتخابات الماضية رغم معارضته المعلنة لهذه الانتخابات التي عادت القيادة وأجلتها الى أجل غير مسمى بمرسوم .
 

إن الاجراء بمثابة ضرب لمفاهيمنا عن منظمة التحرير الفلسطينية ، من أنها اصطفاف جبهوي واسع متنوع ومختلف على قاعدة من الاخوة والمحبة والتكامل والتعاضد، ولهذا السبب بالتحديد فإنها تمثل الشعب بكل فئاته وطبقاته وأطيافه ، وحين تصبح هذه المنظمة ذات لون واحد ونهج واحد، فإنها تصبح اقرب الى الحزب الواحد او الحركة الواحدة ، حتى لو ادعت انها ليست كذلك، وانها تضم في صفوفها فصائل اخرى مختلفة، وربما تكون قد تعرضت للاجراء اياه المتعلق بوقف المخصصات، فنزلت عنده، وهي في حقيقة الامر حرة في اتخاذ ما تراه من مواقف تناسبها او تتناسب معها ، لكن هذا يفقد المنظمة جوهر الاختلاف والتنوع الذي يشكل انعكاسا للشارع ومكوناته الاساسية لا الشكلية ، ولهذا تفقد فصائل كثيرة كمها على حساب كيفها ، وينفّض من حولها خلّص اعضائها، ويبقى فقط المنتفعين من المخصصات وبعض المكاسب والامتيازات، وهي في حقيقة الامر استحقاقات تدفعها المنظمة منذ اعترفت باسرائيل ووقعت على اتفاقية اوسلو ، ولهذا نراها تراوح في مكانها منذ ثلاثة عقود تقريبا، تخرج من اجتماع لتدخل في اجتماع ، تؤجل اجتماع لتدعو لاجتماع ، دون ان تلامس او تقارب تحقيق اي من اهداف الشعب في التحرر والاستقلال.
 

قيل عن الرئيس الراحل خلال الانتفاضة الاولى،انه اوقف مخصصات فصيل لأنه لم يلق اي قنبلة مولوتوف خلال ذلك الشهر. اليوم تغير الحال. وقيل قديما : تموت الحرة ولا تأكل بثدييها .