نشر بتاريخ: 2021/11/24 ( آخر تحديث: 2021/11/24 الساعة: 09:08 )
عدلي صادق

راديو الشباب في مواجهة الإنحياز البريطاني لإسرائيل، والتغاضي عن جرائم الإحتلال؛ تنادت نخبة من ألمع الروائيين والشعراء في بريطانيا والولايات المتحدة؛ لتوقيع رسالة تأييد ومناصرة للروائية الأيرلندية سالي روني، التي واجهت بسبب رأيها، حملة إسرائيلية لمهاجمتها، وإزيلت رواياتها بالإنجليزية، من على أرفف المكتبات الإسرائيلية. ومن مفارقات هذه الحملة، أن دار "مودان" الإسرائيلية الأوسع انتشاراً، وهي التي تصدرت الحملة؛ تتبع الجيش الإسرائيلي نفسه الذي يمارس العدوان! 
  كان من بين موقعي الرسالة، أعضاء مجموعة "مبدعين من أجل فلسطين" ومن ضمنهم روائيون وشعراء يهود، يرفضون سياسة الفصل العنصري، التي تمارسها إسرائيل. فهؤلاء يقولون إن من يستهدفون أي تشكيل فلسطيني بالتأثيم؛ أجدر بهم أن ينظروا الى التشكيلات الحزبية الإسرائيلية للمستوطنين والأصوليات اليهودية التي تمارس العنف الإحتلالي، ضد الشعب الفلسطيني على أرضه، ويفعلون ذلك من مواقع العنصرية والتطرف. وقد حضرت في القائمة أسماء مرموقة مثل الصحفية والكاتبة الأمريكية اليهودية راشيل كوشنر، والروائي والكاتب وأستاذ الإبداع الأدبي فرانسيسكو غولدمان، والسيدة إيلين مايلز، الروائية العجوز المخضرمة وغيرهم. 
  يخاطب موقعو الرسالة، سالي روني فيقولون لها، إن مساندتهم، هي "الرد النموذجي على المظالم المتزايدة التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي". 
  كانت سالي، قد رفضت في شهر سبتمبر الماضي عرضاً من دار "مودان" الإسرائلية، لترجمة روايتها الأخيرة "عالم جميل، أين أنت" الى اللغة العبرية. وقالت إنها ترفض التعاون مع هذه الدار، دعماً لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل، وفرض العقوبات عليها. وجاء سريعاً رد الدار الإسرائيلية، وهو إزالة روايات روني السابقة من فوق أرففهم معارضها، والإعلان عن مقاطعتها.
  في صياغة الرسالة التضامنية، التي وقعها سبعون مبدعاً، قيل لسالي روني:"نحن مثلك، سنواصل الإستجابة لحاجة الفلسطينيين الى التضامن الفعال معهم، مثلما كان مئات الملايين في العالم، قد دعموا الحملة ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. إننا معنيون بالإستمرار في مساندة النضال الفلسطيني السلمي، من أجل العدالة والحرية والمساوة"!
   ولم يغب عن ذهن أصحاب الرسالة، التذكير بأن "مودان" ذراع دعائية للجيش الإسرائيلي، ولا غاب تقرير مؤسسة "هيومان راتس ووتش" الصادر في شهر إبريل الماضي، الذي جاء فيه أن إسرائيل "مذنبة بتأسيس نظام فصل عنصري". 
  في الحقيقة، من حقنا التساؤل عن مواقف النُخب الثقافية العربية وأجسامها النقابية التي ابتلعت ألسنتها. فها هم البريطانيون والأمريكيون، من الفضاء الثقافي، يحركون ضمائرهم ويستفيدون من واقعة سالي روني، لكي يجددوا تأيدهم للروائية البريطانية وللشعب الفلسطيني ولقضيته. لكن التعاطف مع سالي روني، في العالم العربي، ما يزال فردياً ومسكوتاً عنه على مستوى الأجسام النقابية، لا سيما في بلدان عربية تزخر بالمبدعين الذين قدموا أعمالهم في أيام الرخاء، عندما كان الإحتلال الإسرائيلي والعدوان، في موضع الهجاء المرير. كان بالمستطاع، على الأقل، تطيير رسائل المساندة المعنوية، لمبدعين من العالم، يساندون قضية الحق والعدالة، وأن يكون مبدعونا العرب، أسبق من طيف الأمريكيين اليهود وغير اليهود، الذين تحركت ضمائرهم. 
  جاءت رسالة المساندة للأيرلندية سالي روني، في اليوم نفسه الذي استطاع فيه حزب المحافظين ـ امتداد ونستون تشرشل ـ تمرير قرار في برلمان ويستمنستر، يصنّف "حماس" كحركة إرهابية، وكأن حماس معنية بالهجوم على رقم 10 داوننغ ستريت، أو على محطة قطار بريطانية. فعندما يصل الرياء السياسي الى هذه الدرجة، يتوجب على المبدعين أن يقولوا كلمتهم. وعندما يغيب الضمير السياسي، ينبغي أن يحضر الضمير الإنساني، سواء في بريطانيا والولايات المتحدة، أو في بلاد العُرب أوطاني!