نشر بتاريخ: 2022/08/17 ( آخر تحديث: 2022/08/17 الساعة: 09:53 )
د. هاني العقاد

راديو الشباب  

ليس بين شهداء غزة ونابلس مسافة، وليس بين دم الشهداء في غزة وشهداء نابلس أي فوارق، فالدم هو الدم، والشهداء كالجغرافيا الفلسطينية حية تقاوم الاحتلال كل يوم، والقاتل هو نفسه يستكمل مخططه بحقد صهيوني اجرامي ملعون، بضع ساعات تفصل وقف الهجوم علي غزة بعد الوساطة المصري التي نجحت بالتوصل لاتفاق هش قد لا يستمر طويلا لكونه لم ينزع كل عوامل التوتر المستمرة التي لا تريد دولة الاحتلال التنازل عنها ما قد يفجر أزمة جديدة وبالتالي نشوب قتال جديد بين المقاومة في غزة ودولة الاحتلال لأن الاتفاق يعتبر من وجه نظري اتفاق يؤجل المواجهة ولا ينهيها ككل الاتفاقات السابقة التي لم تتحول حتي اللحظة لاتفاقات تحترمها دولة الاحتلال وغالبا ما تفضي لمواجهة اشهد ضراوة تهدف لتفتيت قوة المقاومة ووحدتها لصالح برنامج تحويل برامج المقاومة وفصائلها الي فصائل سياسية تسعي للحكم تتخلي عن استراتيجية تمسك المقاومة بإسناد مسارات المقاومة الفلسطينية وتعزيزها وتطوير خلاياها علي الأرض وتفعيل كل عوامل الاشتباك مع الاحتلال الصهيوني أينما تواجد.

انتهت العملية العسكرية في غزة بعد ان ارتكبت دولة الاحتلال جرائم إبادة حقيقية بحق المدنيين الفلسطينيين لإجبار قادة المقاومة وخاصة الجهاد الإسلامي بالقبول بهذه الهدنة الهزيلة بشروط هزيلة يعرف الجميع أن إسرائيل لن تحققها حتي لو نشب قتال آخر، من حيث انتهت إسرائيل في غزة بدأت بالضفة الغربية بالهجوم علي نابلس أولا لتختبر مدي التزام غزة بالتهدئة وعدم اللجوء الي توعد قوات الاحتلال برد علي جريمتهم في نابلس وبالتالي يفكر الاحتلال بحسابات اخري وثمن يهدد الامن والهدوء علي حواف غزة ومدن الوسط الإسرائيلي نتيجة هذا العدوان، وثانيا استكمال الحملة الأمنية الصهيونية علي الضفة الغربية (كاسر الأمواج) لمحاولة تفتيت كل كتائب المقاومة المسلحة التي تشكلت خلال الأشهر الأخيرة هناك ووضع كامل الضفة الغربية تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية سعيا لتطبيق الحل الابراهيمي الذي اوصت به إدارة بايدن العرب خلال اجتماع القمة العربي بحضور جو بايدن الشهر الماضي, وعلي ما يبدوا ان الهجوم علي نابلس هو الجولة الأولي من مسلسل هجمات واقتحامات قادم لمدن الضفة الغربية علي التوالي وحسب ما تسمح به الحالة الامنية هناك، وحسب حسابات المستوي السياسي الاسرائيلي لاي عملية اقتحام واغارة جديدة علي مناطق تواجد المقاومين الفلسطينيين.

صحيفة (يدعوت أحرنوت) قالت مؤخرا أن “إبراهيم النابلسي” واحد من عدد من المطلوبين من مناطق متفرقة بالضفة الغربية قد لا يكونوا يتبعون الي تنظيم معين لكنهم يعملوا بشكل منظم لاستهداف قوات جيش الاحتلال التي تنفذ في كثير من الأحيان عمليات امنية وبدت تلك الخلايا تنشهر كثيرا لاستهدافها قوات الاحتلال، هذا يوحي بان قوات الاحتلال لن تتراجع عن تنفيذ حملتها الأمنية دون أن تعرف إلى أين يمكن أن تأخذها هذه الحملة المعادية والتي تستهدف ايضاً سيادة السلطة الفلسطينية علي الأرض وتضعف سيطرتها الأمنية على مناطق كثيرة ووفي ذات الوقت تضرب ما تبقي من ثقة بين المواطن في الضفة ومؤسسات السلطة الأمنية والمدنية.

وزير جيش الاحتلال في آخر تصريح أعرب أن حكومته لم تقدم بأي تعهدات لإطلاق سراح الأسيرين (بسام السعدي وخليل عواودة) في غطار تفاهمات وقف إطلاق النار إلا أنه يبدو أن مصر بدأت تربط ملف العواودة و السعدي بملف صفقة تبادل أسرى كبيرة قريبة مع حركة حماس وبالتالي تتفادى دولة الاحتلال أي نقد باعتبارها قدمت تنازلات لحركة الجهاد وهذا بالطبع سيأخذ وقت الي حين نضوج التفاهمات حول الصفقة التي بدأت تتحرك منذ فتره في اتجاه احداث اختراق حقيقي وخاصة بعد تصريحات حماس المتتالية حول الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها.

الخطير أن (بيني غانتس) قد أدلى بتصريحات أخطر في المؤتمر الصحفي المشترك مع (يائير لابيد) تعقيبا على العملية العسكرية ضد غزة مدعياً بان جيشه حقق ثلاثة اهداف من خلال هذه العملية أولها أنها حيّدت أي تهديد يأتي من قبل حركة الجهاد في غزة لمستوطنات الجنوب، وثانيها أن يعمل الجيش في الضفة الغربية علي استهداف وتصفية الشبان المقاومين دون أن يسمع ولو كلمة واحدة من فصائل المقاومة في غزة، والأخطر أنه وجه تهديد جديد للجهاد الإسلامي قائلاً “أنه لا توجد أية قيود أمام جيشه لمطاردة وتصفية عناصر الجهاد الإسلامي سواء في غزة أو بالضفة الغربية حتى بعد وقف إطلاق النار” ،هذا يعني أن دولة الاحتلال لم تصفي حساباتها مع الجهاد الإسلامي بعد..!!! وعلينا أن نتوقع مزيد من العمليات الأمنية بحق قادة وعناصر فصائل المقاومة بمن فيهم كتائب شهداء الأقصى وعناصر الجهاد بالضفة وغزة على السواء، بالرغم من أن هذا المؤتمر كان بالدرجة الأولي مؤتمر انتخابي إلا أنه أوصل رسائل خطير للمقاومة الفلسطينية.

لا اعتقد أن دولة الاحتلال استطاعت أن تحقق تلك الأهداف التي تحدث عنها (بيني غانتس) وحديثة هذا ليس أكثر من خطاب انتخابي لجمهور المستوطنين في الجنوب وكل سكان دولة الاحتلال الذين باتوا يعرفوا أن قادة دولتهم يكذبوا أكثر من قبل لأن كل قوة الأرض لا يمكن أن تثني الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال وإسرائيل وكل مخططات إسرائيل ودهائها لا يمكن أن يفتت وحدة المقاومة الفلسطينية ويجعل بين غزة والضفة مسافة تمكن دولة الاحتلال من تنفيذ برامج تصفوية بحق القضية الفلسطينية وقضاياها، ولن تنهي مقاومة هذا الشعب إلا بإنهاء الاحتلال فكلما استشهد مقاوم جاء آخر وحمل البندقية والراية التي سيتوارثها الأجيال إلى أن يسقط الاحتلال ويعترف بحق تقرير المصير لهذا الشعب الفلسطيني العظيم.