نشر بتاريخ: 2022/12/20 ( آخر تحديث: 2022/12/20 الساعة: 09:58 )

راديو الشباب  

رحل الأسير ناصر أبو حميد (50 عامًا) لينضم إلى قافلة شهداء الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، بعد صراع مرير مع مرض السرطان، رفضت إدارة السجون طيلة شهور مضت الإفراج عنه، أو تقديم العلاج اللازم له.

ووصلت الحالة الصحية لـ "أبو حميد" قبل استشهاده إلى نقطة حرجة جدا، حيث عانى من غيبوبة متقطعة في ساعات حياته الأخيرة، إلى أن لفظ أنفاسه في مستشفى "اساف هروفيه".

وفي الأيام الماضية، عانى من آلام في كافة أنحاء جسده، وأصبح ملازمًا دائمًا لسريره غير قادر نهائيًّا على مغادرته، واشتكى من ضيق شديد بالتنفس وكان موصولا طوال الوقت بأنبوبة الأكسجين.

ناصر أبو حميد.. مراحل نضالية

وُلد ناصر أبو حميد في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1972 في مخيم النصيرات للاجئين بوسط قطاع غزة، وينتمي لأسرةٍ لاجئة من قرية السوافير الشمالية بالقطاع، وهو الابن البكر في العائلة.

وظهر النشاط النضالي لناصر أبو حميد ضد الاحتلال في سن مكبرة في الانتفاضة الشعبية الأولى، حيث انضم إلى حركة "فتح"، وأصبح لاحقا أحد أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية.

تعرض للاعتقال أول مرة في عمر الـ 13، بعد إصابته برصاص الاحتلال عام 1990، حيث بقي بالأسر أربعة أعوام.

ومنذ ذلك الحين اتخذ ناصر أبو حميد المقاومة أسلوب حياة، دفاعًا عن أرضه ووطنه، وأصبح مطاردًا للاحتلال، ونجا من عدة محاولات اغتيال فاشلة.

وناصر أبو حميد من بين 5 أشقاء يواجهون أحكامًا بالسجن مدى الحياة، حيث اعتقلته قوات الاحتلال برفقة ثلاثة منهم عام 2002 وهم: "نصر"، و"شريف"، و"محمد"، ولحق بهم شقيقهم "إسلام" عام 2018، ولهم شقيق سادس شهيد وهو "عبد المنعم".

وخلال اعتقاله الأخير تعرض ناصر أبو حميد لاعتداءٍ وحشي، أُصيب بسببه بجراحٍ بالغة، ولاحقًا خضع لتحقيق قاسٍ، ثم حُكم عليه بالسجن سبع مؤبدات وثلاثين عامًا، قضي منهم 19 سنة.

وحرمت سلطات الاحتلال والدته من زيارته وأشقائه لسنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم، وهدمت منزل العائلة في مخيم الأمعري جنوب رام الله، 5 مرّات، آخرها عام 2019.

المرض يفتك بجسد ناصر أبو حميد

وظل ناصر أبو حميد يصارع الموت وصحته تتدهور منذ آب/ أغسطس 2021 حيث بدأ يعاني من آلام في صدره إلى أن تبيّن أنه مصاب بورم في الرئة، وتمت إزالته وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم، وقبل امتثاله للشفاء أُعيد إلى سجن عسقلان؛ ما أوصله لهذه المرحلة الخطيرة.

ولاحقًا أقر الأطباء بضرورة أخذ ناصر أبو حميد للعلاج الكيميائي، لكنه تعرض مجددًا لمماطلة متعمدة في تقديم العلاج اللازم له، إلى أن بدأ مؤخرًا بتلقيه بعد انتشار المرض في جسده.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي أصدر الأطباء تقريرا طبيًا أوصوا فيه بالإفراج عنه وهو في أيامه الأخيرة، حيث أظهرت نتائج فحوصات أجريت له انتشار السرطان في الفقرة الثانية والثالثة والرابعة والسابعة من العظام، بالإضافة إلى الدماغ وباقي أنحاء جسده.

ورفضت محاكم الاحتلال طلبات متكررة من محامي "أبو حميد" للإفراج عن موكله، رغم ظروفه الصحية الصعبة.

وزارته عائلته خلال فترة علاجه وتدهور صحته، مرات معدودة ولفتراتٍ قصيرة كان آخرها مساء أمس الاثنين لإلقاء نظرة الوداع عليه بعد مناشدات وتدخلات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

رسالة من الشهيد ناصر أبو حميد..

وفي إحدى زياراته العائلية بمنتصف أيلول الماضي وجه ناصر أبو حميد، رسالة مؤثرة إلى الشعب الفلسطيني، جاء فيها: "أنني أولا فلسطيني وأنا أفتخر، أترك خلفي شعبًا عظيمًا لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وأنحني إجلالاً وإكبارًا لكل أبناء شعبنا الفلسطينيّ الصابر".

وأضاف في رسالته: "تعجز الكلمات عن كم هذا المشهد فيه مواساة وأنا (مش زعلان) من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا بودع شعب بطل عظيم، حتى التحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم".

وتؤكد عائلة "أبو حميد" بالإضافة لمؤسسات معنية بالأسرى، أن ما وصل إليه "ناصر" كان سببه الإهمال الطبي المتعمد وعدم إعطاء العلاج المناسب في الوقت المناسب.

وباستشهاد ناصر أبو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 233 شهيدًا منذ عام 1967، فيما تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين 10 أسرى فلسطينيين قضوا داخل السجون.